الثلاثاء، 10 مارس 2015



الإيمان أهم وسائل حفظ النفس:

إن الأمن في الأوطان والسلامة في الأبدان أكبر نعمة وأعظم مطلب تسعى إلى تحقيقه الأمم والشعوب، ويطمح إليه الأفراد والجماعات على مر العصور، فهو سبيل الدعة والطمأنينة، وطريق الرخاء والاستقرار ورغد العيش، فبه تعم البركات وتصلح الأحوال، وتهنأ الحياة، ويعيش الناس في أمن وطمأنينة وراحة بال، وهذه النعمة العظيمة تقوم على دِعامتين أساسيتين هما: الإيمان بالله تعالى والاستقامة على العمل الصالح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ليقترن الأمن بالإيمان، فتتم النعمة وتتجلى الكرامة، وتتحقق الحياة الهادئة، يقول جل وعلا: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ [سورة الأنعام: الآية 82].

إن الإيمان بالله وَحْدَه يَحْمِل كلَّ فرد في المجتمع على أن يكون عَيْنًا ساهرةً ويدًا حافظةً أمينةً ونفسًا رحيمةً مُشْفِقةً ساعيةً في اجتناب كل ما من شأنه أن يُؤذِيَ المسلمين أو يُسبِّبَ لهم الخوف في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم، فضلاً عن الاعتداء عليها؛ لأن الشرك بالله والبعد عنه سبحانه هما السبب المباشر الذي يؤدي إلى زرع الخوف في النفوس وضياع الأمن من القلوب من المجتمعات، وقد كانت حياة الجاهلية أكبر دليل على ذلك حيث الفوضى والاضطراب الذي كان يخيم على مجتمعاتهم وما يحدث فيها من الغارات على بعضهم البعض، والحروب القَبَلية التي تقوم بين القبائل ثَأْرًا لأتفه الأمور، فتمكث الأعوام العديدة، أو تقوم بقصد السلب والنهب والقتل بدون ضابط أو زاجر أو رادع، ولم يكن أَمْنٌ ولا راحة ولا اطمئنان، كانت حياة القَبَيلة في قَلَق مستمر وخوف دائم، وقد وقعت حروب مدمرة وصراعات طاحنة استمر بعضها عُقودًا من الزمن أهدرت فيها الدماء وسُلِبت فيها الأموال، وانتهكت فيها الأعراض، فجاء الإسلام بأمنه وإيمانه فأَمَّن الناس على أرواحهم وممتلكاتهم، وبَشَّرَهم المصطفى صلى الله عليه وسلم إن هم استقاموا على دعامتي الأمن – الإيمان بالله تعالى والعمل الصالح – أن يتحقق لهم الأمن المنقطع النظير في دنيا الواقع، وأن يجعلهم الله خلفاء الأرض، وأن يبدلهم من بعد خوفهم أمنًا حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله تعالى والذئب على غنمه، يقول جل وعلا: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ﴾ [سورة النور: الآية 55]. أيها الإخوة، إن الأمن لا يقدر بثمن لِمَا يغرسه في النفوس من اطمئنان وسعادة، ولِمَا يجلبه لحياة الناس من رخاء واستقرار، وفي هذا كله ضمان للأمة من نقمتين عظيمتين: الخوف والجوع.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق